Encyclopedia of Muhammad

غزوه احد

تاريخ الغزوة: شوال; 3 هـ المتحاربون: المسلمون/كفار مكةالأسباب: انتقام قریش لما اصیبت بها یوم بدرو استعادة الشرف والفخر.قوات المسلمین: 700 جندي (100 مزودين بدرع الجسم)جنود المشركين: 3000جندي (700 مدججين بالدروع بالكامل) قائدجيش المسلمين: رسول اللّٰه ﷺقائد جيش المشركين: أبو سفیان صخر بن حربأرض المعركة: جبل أحد؛ بالقرب من المدينة المنورة (المملكة العربية السعودية الحالية) النتيجة: انتصر المسلمونشهداء المسلمين: سبعون صحابيًارضى اللّٰه عنهمقتلی المشركين: 22 جندياً

Languages

German Portuguese Urdu

غزوة أحد

وقعت غزوة أحد يوم السبت لسبع خلون من شوال على رأس اثنين وثلاثين شهرا من الهجرة. وقيل: كانت لإحدى عشرة ليلة خلت من شوال. وقيل: كانت للنصف منه. 1 واستمد الكفار فيها بحلفائهم والأحابيش من بني كنانة وغيرهم، وخرجوا بنسائهم لئلا يفروا، فأتوا فنزلوا بموضع يقال له عينين، وهو بقرب أحد على جبل ببطن السبخة من قناة، على شفير الوادي، مقابل المدينة. 2 وهي وقعة امتحن اللّٰه عز وجل فيها عباده المؤمنين واختبرهم، وميز فيها المؤمنين والمنافقين. وقد خرج رسول اللّٰه صلى اللّٰه عليه وسلم حتى نزل الشعب من أحد في عدوة الوادي، وهو في سبعمائة، فيهم خمسون فارسا، واستعمل على الرماة، وكانوا خمسين، عبد اللّٰه بن جبير، وأمره وأصحابه أن يلزموا مركزهم، وألا يفارقوه ‌ولو ‌رأى ‌الطير ‌تتخطف ‌العسكر. 3 واستشهد في هذه المعركة من المسلمين سبعون: أربعة من المهاجرين، وهم: حمزة ومصعب وعبد اللّٰه بن جحش وشماس بن عثمان. وقيل: ثمانون: أربعة وسبعون من الأنصار وستة من المهاجرين. 4 وقتل من المشركين أربعة وعشرون. 5 وانتهت المعركة دون أن يهزم أحد الفريقين الآخر، إلا أن كلا منهما أصيبا بالخسائر إلى حد الأقصى.

أسبابها

يعد من أسباب غزوة أحد أن أصحاب القليب لما أصيبوا يوم بدر من كفار قريش، ورجع فلهم إلى مكة، ورجع أبو سفيان بن حرب بعيره، مشى عبد اللّٰه بن أبي ربيعة، وعكرمة بن أبي جهل، وصفوان بن أمية، في رجال من قريش، ممن أصيب آباؤهم وأبناؤهم وإخوانهم يوم بدر، فكلموا أبا سفيان بن حرب، ومن كانت له في تلك العير من قريش تجارة، فقالوا: يا معشر قريش، إن محمدا قد وتركم، وقتل خياركم، فأعينونا بهذا المال على حربه، ‌فلعلنا ‌ندرك ‌منه ‌ثأرنا ‌بمن ‌أصاب ‌منا، ففعلوا. 6 وقال أبو سفيان: ‌وأنا ‌أول ‌من ‌أجاب ‌إلى ‌ذلك وبنو عبد مناف معي. فباعوها فصارت ذهبا فكانت ألف بعير والمال خمسين ألف دينار. فسلم إلى أهل العير رؤوس أموالهم وأخرجوا أرباحهم. وكانوا يربحون في تجارتهم للدينار دينارا. 7 وفيهم نزلت: إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ لِيَصُدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ فَسَيُنْفِقُونَهَا ثُمَّ تَكُونُ عَلَيْهِمْ حَسْرَةً ثُمَّ يُغْلَبُونَ وَالَّذِينَ كَفَرُوا إِلَى جَهَنَّمَ يُحْشَرُونَ 36 8كما تجهزت قريش من والاهم من قبائل كنانة وتهامة. 9

تحريض الناس على حرب المسلمين

اجتمعت قريش لحرب رسول اللّٰه صلى اللّٰه عليه وسلم حين فعل ذلك أبو سفيان بن حرب وأصحاب العير بأحابيشها، ‌ومن ‌أطاعها ‌من ‌قبائل ‌كنانة ‌وأهل ‌تهامة. وكان أبو عزة عمرو بن عبد اللّٰه الجمحي قد منّ عليه رسول اللّٰه صلى اللّٰه عليه وسلم يوم بدر، وكان فقيرا ذا عيال وحاجة، وكان في الأسارى، فقال: إني فقير ذو عيال وحاجة قد عرفتها فامنن علي صلى اللّٰه عليك وسلم. فمن عليه رسول اللّٰه صلى اللّٰه عليه وسلم. فقال له صفوان بن أمية: يا أبا عزة إنك امرئ شاعر فأعنا بلسانك، فاخرج معنا، فقال إن محمدا قد من علي فلا أريد أن أظاهر عليه، قال: بلى، فأعنا بنفسك، فلك اللّٰه علي إن رجعت أن أغنيك، وإن أصبت أن أجعل بناتك مع بناتي، يصيبهن ما أصابهن من عسر ويسر. فخرج أبو عزة في تهامة، ويدعو بني كنانة. وخرج مسافع بن عبد مناف بن وهب بن حذافة بن جمح إلى بني مالك بن كنانة ، يحرضهم ويدعوهم إلى حرب رسول اللّٰه صلى اللّٰه عليه وسلم. 10 ودعا جبير بن مطعم غلاما له حبشيا يقال له وحشي- وأسلما بعد ذلك- يقذف ‌بحربة له قذف الحبشة قل ما يخطئ بها، فقال له: اخرج مع الناس فإن أنت قتلت حمزة عم محمد (صلى اللّٰه عليه وسلم) بعمي طعيمة فأنت ‌حر. 11

مشاركة النساء في الغزو

خرجت قريش بحدها وجدها وحديدها وأحابيشها، ومن تابعها من بني كنانة، وأهل تهامة، وخرجوا معهم بالظعن التماس الحفيظة، وألا يفروا. فخرج أبو سفيان بن حرب، وهو قائد الناس، بهند بنت عتبة وخرج عكرمة بن أبي جهل بأم حكيم بنت الحارث بن هشام بن المغيرة، وخرج الحارث ابن هشام بن المغيرة بفاطمة بنت الوليد بن المغيرة، وخرج صفوان بن أمية ببرزة بنت مسعود بن عمرو بن عمير الثقفية، وهي أم عبد اللّٰه بن صفوان ابن أمية. ويقال: رقية، وخرج عمرو بن العاص بريطة بنت منبه بن الحجاج، وهي أم عبد اللّٰه بن عمرو، وخرج طلحة بن أبي طلحة وأبو طلحة عبد اللّٰه بن عبد العزى بن عثمان بن عبد الدار بسلافة بنت سعد بن شهيد الأنصارية، وهي أم بني طلحة: مسافع والجلاس وكلاب، قتلوا يومئذ هم وأبوهم، وخرجت خناس بنت مالك بن المضرب، إحدى نساء بني مالك بن حسل مع ابنها أبي عزيز بن عمير، وهي أم مصعب بن عمير، وخرجت عمرة بنت علقمة، إحدى نساء بني الحارث بن عبد مناة بن كنانة. 12

وصول الخبر إلى النبي صلى اللّٰه عليه وسلم

كانت قريش على وشك المغادرة من مكة، فكتب ‌العباس بن عبد المطلب وهو يومئذ بمكة إلى رسول اللّٰه صلى اللّٰه عليه وسلم يخبره بمسير قريش إلى حربه وبكيفية أحوالهم وكمية إعدادهم، وختم الكتاب واستأجر رجلا من بنى غفار وبعثه إلى المدينة وشرط أن يأتيها في ثلاثة أيام ولياليها، فقدم الغفاري المدينة ورسول اللّٰه صلى اللّٰه عليه وسلم كان بقباء فذهب إليه فلقيه بباب المسجد حين يريد أن يركب فأعطاه الكتاب ففتح صلى اللّٰه عليه وسلم ختمه وأعطاه أبي بن كعب فقرأه عليه فإذا فيه مسير قريش إلى حرب رسول اللّٰه صلى اللّٰه عليه وسلم فأوصاه بكتمانه، وذهب إلى منزل سعد بن الربيع فأخبره الخبر، فقال سعد: خيرا، فانصرف النبى صلى اللّٰه عليه وسلم إلى المدينة واستكتمه الخبر. 13

خروج قريش من مكة

كانت قريش يوم الخميس بذي الحليفة، صبيحة عشر من مخرجهم من مكة، لخمس ليال مضين من شوال على رأس اثنين وثلاثين شهرا من الهجرة. 14 ولما فشا الخبر بخروجهم فلحق بهم أبو عامر الراهب مع خمسين رجلا من قومه، وفي جيش قريش ثلاثة آلاف رجل منها سبع مئة دارع ومئتا فرس وألف بعير وخمسة عشر هودجا. 15 ‌فلما ‌أصبحوا ‌بذي ‌الحليفة خرج فرسان فأنزلهم بالوطاء. وبعث النبي صلى اللّٰه عليه وسلم عينين له، أنسا ومؤنسا ابني فضالة ليلة الخميس، فاعترضا لقريش بالعقيق، فسارا معهم حتى نزلوا بالوطاء. فأتيا رسول اللّٰه صلى اللّٰه عليه وسلم فأخبراه. وكان المسلمون قد ازدرعوا العرض- والعرض ما بين الوطاء بأحد إلى الجرف، إلى العرصة، عرصة البقل اليوم- وكان أهله بنو سلمة، وحارثة، وظفر، وعبد الأشهل، وكان الماء يومئذ بالجرف أنشاطا، لا يريم سائق الناضح مجلسا واحدا، ينفتل الجمل في ساعة، حتى ذهب بمياهه عيون الغابة التي حفر معاوية بن أبي سفيان. فكانوا قد أدخلوا آلة زرعهم ليلة الخميس المدينة فقدم المشركون على زرعهم وخلوا فيه إبلهم وخيولهم- وقد شرب الزرع في الدقيق، وكان لأسيد بن حضير في العرض عشرون ناضحا يسقي شعيرا- وكان المسلمون قد حذروا على جمالهم وعمالهم وآلة حرثهم. وكان المشركون يرعون يوم الخميس حتى أمسوا، فلما أمسوا جمعوا الإبل وقصلوا عليها القصيل، وقصلوا على خيولهم ليلة الجمعة، فلما أصبحوا يوم الجمعة خلوا ظهرهم في الزرع وخيلهم حتى تركوا العرض ليس به خضراء. فلما نزلوا وحلوا العقد واطمأنوا، بعث رسول اللّٰه صلى اللّٰه عليه وسلم الحباب بن المنذر بن الجموح إلى القوم، فدخل فيهم وحزر ونظر إلى جمع ما يريد، وبعثه سرا، وقال صلى اللّٰه عليه وسلم للحباب: (( لا تخبرني بين أحد من المسلمين إلا أن ترى قلة )) . فرجع إليه فأخبره خاليا، فقال له رسول اللّٰه صلى اللّٰه عليه وسلم: (( ما رأيت؟ )) قال: رأيت يا رسول اللّٰه عددا، حزرتهم ثلاثة آلاف، يزيدون قليلا أو ينقصون قليلا، والخيل مائتي فرس، ورأيت دروعا ظاهرة، حزرتها سبعمائة درع. قال: (( هل رأيت ظعنا؟ )) قال: رأيت النساء معهن الدفاف والأكبار، يعني الطبول. فقال رسول اللّٰه صلى اللّٰه عليه وسلم: (( أردن أن يحرضن القوم ويذكرنهم قتلى بدر، هكذا جاءني خبرهم، لا تذكر من شأنهم حرفا، حسبنا اللّٰه ونعم الوكيل، اللّٰهم بك أجول وبك أصول )) . 16 فلما عرف الصحابة أن الكفار يقتربون من المدينة فجعلوا يحرسون مسجد الرسول صلى اللّٰه عليه وسلم، ويتجلون حول بيته في ليالي المدينة حاملين السلاح، مخافة من فتنة الكفار.

رؤيا الرسول ﷺ

حينما بلغ النبي صلى اللّٰه عليه وسلم مكتوب العباس، فنام تلك الليلة ورأى رؤيا قصها على أصحابه فقال: (( رأيت في سيفي ذي الفقار فلا، فأولته: فلا يكون فيكم، ورأيت أني مردف كبشا، فأولته: كبش الكتيبة، ورأيت أني في درع حصينة، فأولتها: المدينة، ورأيت بقرا تذبح، فبقر واللّٰه خير، فبقر واللّٰه خير )) . 17

استشارة الرسول ﷺ أصحابه

لما اتصل نبأ جيش الكفار بالمدينة فدعا الرسول صلى اللّٰه عليه وسلم مجلسه الاستشاري، واستشار أصحابه أيقيمون في المدينة أم يخرجون للقاء العدو؟ فهو صلى اللّٰه عليه وسلم قدّم رأيه إلى صحابته ألايخرجوا من المدينة، وأن يتحصنوا بها، فإن أقام المشركون بمعسكرهم أقاموا بشر مقام وبغير جدوى، وإن دخلوا المدينة قاتلهم المسلمون على أفواه الأزقة، والنساء من فوق البيوت، وكان هذا هو الرأي. ووافقه على هذا الرأي عبد اللّٰه بن أبي بن سلول- رأس المنافقين- وكان قد حضر المجلس بصفته أحد زعماء الخزرج. ويبدو أن موافقته لهذا الرأي لم تكن لأجل أن هذا هو الموقف الصحيح من حيث الوجهة العسكرية، بل ليتمكن من التباعد عن القتال دون أن يعلم بذلك أحد. 18 وقال رجال من المسلمين ممن أكرمهم اللّٰه بالشهادة يوم أحد، وغيرهم ممن كان فاتته بدر وحضروه: يا رسول اللّٰه! أخرج بنا إلى أعدائنا لا يرون أنا جبنا عنهم أو ضعفنا. 19 وكان هؤلاء المتحمسون يصرون على الخروج حتى رفض رسول اللّٰه صلى اللّٰه عليه وسلم رأيه، واستقر الرأي على الخروج إلى الميدان السافر.

خروج الرسول صلى اللّٰه عليه وسلم من المدينة

لما أصر الصحابة على الخروج إلى لقاء العدو فصلى رسول اللّٰه صلى اللّٰه عليه وسلم الجمعة بالناس، ثم وعظ الناس ‌وأمرهم ‌بالجد ‌والجهاد، وأخبرهم أن لهم النصر ما صبروا. ففرح الناس بذلك حيث أعلمهم رسول اللّٰه صلى اللّٰه عليه وسلم بالشخوص إلى عدوهم، وكره ذلك المخرج بشر كثير من أصحاب رسول اللّٰه صلى اللّٰه عليه وسلم، وأمرهم بالتهيؤ لعدوهم. ثم صلى رسول اللّٰه صلى اللّٰه عليه وسلم العصر بالناس، وقد حشد الناس وحضر أهل العوالي، ورفعوا النساء في الآطام، فحضرت بنو عمرو بن عوف ولفها والنبيت ولفها وتلبسوا السلاح. فدخل رسول اللّٰه صلى اللّٰه عليه وسلم بيته، ودخل معه أبو بكر وعمر رضي اللّٰه عنهما، فعمماه ولبساه، وصف الناس له ما بين حجرته إلى منبره، ينتظرون خروجه، فجاءهم سعد بن معاذ وأسيد بن حضير فقالا: قلتم لرسول اللّٰه صلى اللّٰه عليه وسلم ما قلتم، واستكرهتموه على الخروج، والأمر ينزل عليه من السماء، فردوا الأمر إليه، فما أمركم فافعلوه وما رأيتم له فيه هوى أو رأي فأطيعوه. فبينا القوم على ذلك من الأمر، وبعض القوم يقول: القول ما قال سعد! وبعضهم على البصيرة على الشخوص، وبعضهم للخروج كاره، إذ خرج رسول اللّٰه صلى اللّٰه عليه وسلم، قد لبس لأمته، وقد لبس الدرع فأظهرها، وحزم وسطها بمنطقة من حمائل سيف من أدم، كانت عند آل أبي رافع مولى رسول اللّٰه صلى اللّٰه عليه وسلم بعد، واعتم، وتقلد السيف. فلما خرج رسول اللّٰه صلى اللّٰه عليه وسلم ندموا جميعا على ما صنعوا، وقال الذين يلحون على رسول اللّٰه صلى اللّٰه عليه وسلم: ما كان لنا أن نلح على رسول اللّٰه في أمر يهوى خلافه. 20 روي أنهم قالوا لرسول اللّٰه صلى اللّٰه عليه وسلم: يا نبي اللّٰه، شأنك إذا، فقال: (( إنه ليس لنبي إذا لبس لأمته أن يضعها حتى يقاتل )) . 21

ثم دعا بثلاثة أرماح فعقد ثلاثة ألوية. فدفع لواء الأوس إلى أسيد بن حضير. ودفع لواء الخزرج إلى الحباب بن المنذر. ويقال إلى سعد بن عباده. ودفع لواءه لواء المهاجرين إلى علي بن أبي طالب رضي اللّٰه عنه. ويقال إلى مصعب بن عمير. واستخلف على المدينة عبد اللّٰه ابن أم مكتوم. ثم ركب رسول اللّٰه صلى اللّٰه عليه وسلم فرسه وتنكب القوس وأخذ قناة بيده والمسلمون عليهم السلاح قد أظهروا الدروع فيهم مائة دارع. وخرج السعدان أمامه يعدوان: سعد بن معاذ وسعد بن عباده. وكل واحد منهما دارع والناس عن يمينه وشماله. فمضى حتى إذا كان بالشيخين، وهما أطمان. التفت فنظر إلى كتيبة خشناء لها زجل فقال: ((ما هذه؟)) قالوا: حلفاء ابن أبي من يهود. فقال رسول اللّٰه صلى اللّٰه عليه وسلم: ((لا تستنصروا بأهل الشرك على أهل الشرك)) . 22

ثم عرض قومه عند هذا الموضع فرد جمعا: أي شبابا لم يرهم بلغوا خمس عشرة سنة، بل أربع عشرة سنة، منهم عبد اللّٰه بن عمر، وزيد بن ثابت، وأسامة بن زيد، وزيد بن أرقم، والبراء بن عازب، وأسيد بن ظهير، وعرابة بن أوس، وأبو سعيد الخدري، وسمرة بن جندب، ورافع بن خديج. 23 قال رافع بن خديج، فقال ظهير بن رافع: يا رسول اللّٰه، إنه رام! وجعلت أتطاول وعلي خفان لي، فأجازني رسول اللّٰه صلى اللّٰه عليه وسلم، فلما أجازني قال سمرة بن جندب لربيبه مري بن سنان الحارثي، وهو زوج أمه: يا أبة، أجاز رسول اللّٰه رافع بن خديج وردني، وأنا أصرع رافع بن خديج. فقال مري بن سنان الحارثي: يا رسول الل،ه رددت ابني وأجزت رافع بن خديج وابني يصرعه. فقال رسول اللّٰه صلى اللّٰه عليه وسلم: ((تصارعا)) . فصرع سمرة رافعا فأجازه رسول اللّٰه صلى اللّٰه عليه وسلم. 24

انخذال المنافقين

لما بلغ رسول اللّٰه صلى اللّٰه عليه وسلم الشوط انخزل عبد اللّٰه بن أبي بثلث الناس كافة كأنه هيق، فقال: أطاع الولدان ومن لا رأى له وعصاني، ما ندري علام نقتل أنفسنا أيها الناس هاهنا؟ فرجع بمن اتبعه من أهل النفاق والريب، وتبعهم عبد اللّٰه بن حرام يقول: يا قوم، أذكركم اللّٰه ألا تخذلوا قومكم ونبيكم عند ما حضر عدوهم، يا قوم، تعالوا، فقاتلوا في سبيل اللّٰه أو ادفعوا، فقالوا: لو نعلم قتالا ما أسلمناكم، لا نرى أن يكون قتال، ولئن أطعتنا لترجعن معنا. فلما استعصوا عليه وأبوا إلا الانصراف قال: أبعدكم اللّٰه، أعداء اللّٰه، فسيغني اللّٰه تعالى نبيه عنكم. 25 وأنزل اللّٰه تعالى: وَلِيَعْلَمَ الَّذِينَ نَافَقُوا وَقِيلَ لَهُمْ تَعَالَوْا قَاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَوِ ادْفَعُوا قَالُوا لَوْ نَعْلَمُ قِتَالًا لَاتَّبَعْنَاكُمْ هُمْ لِلْكُفْرِ يَوْمَئِذٍ أَقْرَبُ مِنْهُمْ لِلْإِيمَانِ يَقُولُونَ بِأَفْوَاهِهِمْ مَا لَيْسَ فِي قُلُوبِهِمْ وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا يَكْتُمُونَ 167 26 وكذلك أنزل اللّٰه سبحانه وتعالى هذه الآية في المنافقين: مَا كَانَ اللَّهُ لِيَذَرَ الْمُؤْمِنِينَ عَلَى مَا أَنْتُمْ عَلَيْهِ حَتَّى يَمِيزَ الْخَبِيثَ مِنَ الطَّيِّبِ وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُطْلِعَكُمْ عَلَى الْغَيْبِ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَجْتَبِي مِنْ رُسُلِهِ مَنْ يَشَاءُ فَآمِنُوا بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ وَإِنْ تُؤْمِنُوا وَتَتَّقُوا فَلَكُمْ أَجْرٌ عَظِيمٌ 179 27ولما تفرقت جماعة المنافقين عن المسلمين قالت فرقة من جيش المسلمين: نقتلهم، وقالت فرقة: لا نقتلهم، فأنزل اللّٰه تعالى: فَمَا لَكُمْ فِي الْمُنَافِقِينَ فِئَتَيْنِ وَاللَّهُ أَرْكَسَهُمْ بِمَا كَسَبُوا أَتُرِيدُونَ أَنْ تَهْدُوا مَنْ أَضَلَّ اللَّهُ وَمَنْ يُضْلِلِ اللَّهُ فَلَنْ تَجِدَ لَهُ سَبِيلًا 88 28 فقال الرسول صلى اللّٰه عليه وسلم: ((إنها طيبة، وإنها تنفي الخبث كما تنفي النار خبث الفضة)) . 29

تنظيم الجيش الإسلامي

مضى رسول اللّٰه صلى اللّٰه عليه وسلم حتى نزل الشعب من أحد فجعل ظهره وعسكره إلى أحد، وقال: ((لا يقاتلن أحد حتى نأمر بالقتال)) ‌وقد ‌سرحت ‌قريش ‌الظهر والكراع في زروع كانت للمسلمين، فقال رجل من الأنصار: أترعى زروع بني قيلة ولما نضارب، وتعبى رسول اللّٰه صلى اللّٰه عليه وسلم للقتال وهو في سبعمائة رجل، فجعل عكاشة بن محصن الأسدي على الميمنة، وأبا سلمة بن عبد الأسد على الميسرة، وأبا عبيدة عامر بن الجراح وسعد بن أبى وقاص على المقدمة، ومقداد بن عمرو على الساقة، فجعل أحدا خلف ظهره واستقبل المدينة وجعل عينين وهو جبل على شفير قناة قبلي مشهد حمزة عن يساره. 30 وكانت فيه ثغرة فأقام عليها خمسين رجلا من الرماة وأمّر عليهم عبد اللّٰه بن جبير. وقال لهم: ((لا ‌تبرحوا، إن رأيتمونا ظهرنا عليهم فلا تبرحوا، وإن رأيتموهم ظهروا علينا فلا تعينونا)) . 31

تعبئة المشركين للقتال

صف المشركون بالسبخة، وتعبئوا للحرب، وهم ثلاثة آلاف، معهم مائتا فرس قد جنبوها، فجعلوا على ميمنة الخيل خالد بن الوليد، وعلى الميسرة عكرمة بن أبي جهل، وعلى المشاة صفوان بن أمية، ويقال: عمرو بن العاص، وعلى الرماة عبد اللّٰه بن أبي ربيعة- وأسلموا كلهم- ودفعوا اللواء إلى طلحة بن أبي طلحة بن عبد اللّٰه بن عبد العزى بن عثمان بن عبد الدار بن قصي. وقال أبو سفيان لأصحاب اللواء من بني عبد الدار يحرضهم بذلك: يا بني عبد الدار، إنكم قد وليتم لواءنا ببدر فأصابنا ما قد رأيتم، فإنما يؤتى الناس من قبل راياتهم، إذا زالت زالوا، فإما أن تكفون لواءنا، وإما أن تخلوا بيننا وبينه فنكفيكموه، فهموا به وتواعدوه وقالوا: أنحن نسلم إليكم لواءنا؟ ستعلم إذا التقينا كيف نصنع وذلك الذي أراد أبو سفيان. 32

بداية الحرب

كانت نساء المشركين يتجولن في الصفوف، ويضربن بالدفوف، يستنهضن الرجال، ويحرضن على القتال. فأول من خرج من المشركين أبو عامر بن أمية في الأحابيش، وقال: يا معشر الأوس! أنا أبو عامر. قالوا: فلا أنعم اللّٰه بك عينا. ثم راضخ المسلمين بالحجارة وقاتلهم قتالا شديدا. 33 ثم نادى أبو سفيان بن حرب: يا معشر الأوس والخزرج! خلوا بيننا وبين بني عمنا وننصرف عنكم. فشتموه أقبح شتم، ولعنوه أشد اللعن، وخرج رجل من المشركين على بعير له فدعا للبراز، فأحجم عنه الناس حتى دعا ثلاثا، فقام إليه الزبير، فوثب حتى استوى معه على البعير ثم عانقه، فاقتتلا فوق البعير، فقال رسول اللّٰه صلى اللّٰه عليه وسلم: ((الذي يلي حضيض الأرض مقتول)) . 34 فوقع المشرك، فوقع عليه الزبير فذبحه، فأثنى عليه رسول اللّٰه صلى اللّٰه عليه وسلم وقال: ((إن لكل نبي حواريا وإن حواري الزبير بن العوام)) . 35

ثم خرج رجل من المشركين بين الصفين، وهو طلحة بن أبي طلحة، وأبو طلحة والده اسمه عبد اللّٰه بن عثمان بن عبد الدار، وكان بيده لواء المشركين؛ لأن بني عبد الدار كانوا أصحاب لواء المشركين، لأن اللواء كان لوالدهم عبد الدار. وطلب طلحة المبارزة مرارا، فلم يخرج إليه أحد. فقال: يا أصحاب محمد، زعمتم أن قتلاكم إلى الجنة وأن قتلانا إلى النار. إنكم تزعمون أن اللّٰه تعالى يعجلنا بسيوفكم إلى النار ويعجلكم بسيوفنا إلى الجنة، فهل أحد منكم يعجلني بسيفه إلى النار؟ أو أعجله بسيفي إلى الجنة، كذبتم، واللات والعزى لو تعلمون ذلك حقا لخرج إلي بعضكم، فخرج إليه علي بن أبي طالب فاختلفا ضربتين، فقتله علي رضي اللّٰه تعالى عنه. فأخذ لواء المشركين أخو طلحة وهو عثمان بن أبي طلحة، وعثمان هذا هو أبو شيبة الذي ينسب إليه الشيبيون، فيقال بني شيبة، فحمل عليه حمزة فقطع يده وكتفه حتى انتهى إلى مؤتزره، فرجع حمزة وهو يقول: أنا ابن ساقي الحجيج يعني عبد المطلب، فأخذه أخو عثمان وأخو طلحة وهو أبو سعيد بن أبي طلحة؛ فرماه سعد بن أبي وقاص فأصاب حنجرته فقتله، فحمله مسافع بن طلحة بن أبي طلحة الذي قتله علي رضي اللّٰه تعالى عنه، فرماه عاصم بن ثابت بن أبي الأفلح فقتله، ثم حمله أخو مسافع وهو الحارث بن طلحة، فرماه عاصم فقتله، وكانت أمهما وهي سلافة معهما، وكل واحد منهما بعد أن رماه عاصم يأتي أمه ويضع رأسه في حجرها فتقول له: يا بني، من أصابك؟ فيقول: سمعت رجلا حين رماني يقول: خذها وأنا ابن أبي الأفلح، فنذرت إن أمكنها اللّٰه من رأس عاصم أن تشرب فيه الخمر، وجعلت لمن جاء برأسه مائة من الإبل. فحمله أخو مسافع وأخو الحارث وهو كلاب بن طلحة، فقتله الزبير، وقيل: قزمان، فحمله أخوهم وهو الجلاس بن طلحة، فقتله طلحة بن عبيد اللّٰه، فكل من مسافع والحارث وكلاب والجلاس الأربعة أولاد طلحة بن أبي طلحة كل قتل كأبيهم طلحة؛ وعميهم وهما عثمان وأبو سعيد. وعند ذلك حمله أرطأة بن شرحبيل، فقتله علي بن أبي طالب، وقيل حمزة، فحمله شريح بن قارظ، فقتل ولم يعرف قاتله، ثم حمله أبو زيد بن عمرو بن عبد مناف بن هاشم بن عبد الدار، فقتله قزمان، فحمله ولد لشرحبيل بن هاشم، فقتله قزمان أيضًا، ثم حمله صواب غلامهم، وكان حبشيا، فقاتل حتى قطعت يده ثم برك عليه فأخذه لصدره وعنقه حتى قتل عليه، قتله قزمان. وقيل: القاتل له سعد بن أبي وقاص، وقيل: علي. 36 فلما قتل حملة اللواء تفرق المشركون وبدأ المسلمون يدخلون في صفوفهم ويقتلونهم.

شجاعة أبي دجانة رضي اللّٰه عنه

لما اشتد القتال فعرض رسول اللّٰه صلى اللّٰه عليه وسلم، سيفا، وقال: ((من يأخذ هذا السيف بحقه)) ، فقام أبو دجانة سماك بن خرشة، فقال يا رسول اللّٰه: أنا آخذه بحقه، فما حقه؟ فأعطاه إياه. 37 وكان أبو دجانة رجلا شجاعا يختال عند الحرب إذا كانت، وكان ‌إذا ‌علم ‌بعصابة ‌له ‌حمراء يعصبها على رأسه علم الناس أنه سيقاتل، فلما أخذ السيف من يد رسول اللّٰه أخرج عصابته تلك فعصب بها رأسه، فجعل يتبختر بين الصفين، فنظر إليه رسول اللّٰه صلى اللّٰه عليه وسلم وهو مختال في مشيته بين الصفين، فقال: ((إنها مشية يبغضها اللّٰه إلا في هذا الموضع)) . 38 روي أن كعب بن مالك قال: كنت فيمن خرج من المسلمين، فلما رأيت مثل المشركين بقتلى المسلمين قمت فتجاوزت فإذا رجل من المشركين جمع الأمة تحوية المسلمين ويقول استوسقوا كما تستوسق جرد الغنم، قال: وإذا رجل من المسلمين قائم ينتظره وعليه لأمته فمضيت حتى كنت من ورائه ثم قمت أقدر المسلم والكافر ببصري فإذا الكافر أفضلهما عدة وهيئة، قال: فلم أزل أنتظرهما حتى التقيا، فضرب المسلم الكافر على حبل عاتقه ضربة بالسيف بلغت وركه، وتفرق فرقتين، ثم كشف المسلم عن وجهه، فقال: كيف ترى يا كعب: أنا أبو دجانة. 39

شجاعة حمزة رضي اللّٰه عنه

قاتل حمزة بن عبد المطلب يوم أحد قتالا شديدا. 40 روي أنه مر به سباع بن عبد العزى، فقال له حمزة: هلم يا ابن مقطعة البظور، أتحاد اللّٰه ورسوله صلى اللّٰه عليه وسلم؟ ثم أشد عليه، فكان كأمس الذاهب. 41 قاتل حمزة بن عبد المطلب حتى قتل أرطأة بن شرحبيل بن هاشم بن عبد مناف بن عبد الدار، وكان أحد النفر الذين يحملون اللواء. قال وحشي غلام جبير بن مطعم: واللّٰه إن لأنظر إلى حمزة يهد الناس بسيفه، فما يليق شيئا، مثل الجمل الأورق، إذ تقدم إليه سباع بن عبد العزى، فضربه ضربة فكأنما أخطأ رأسه، وهزرت حربتي، حتى إذا رضيت منها دفعتها عليه، فوقعت في ثنته حتى خرجت من بين رجليه، فأقبل نحوي فغلب فوقع، فأمهلته، حتى إذا مات جئته فأخذت حربتي، ثم تنحيت إلى العسكر، ولم يكن لي بشيء حاجة غيره. 42

فرار الكفار

إن اللّٰه تعالى أنزل نصره على المسلمين فحسوا الكفار بالسيوف حتى كشفوهم عن العسكر وكانت الهزيمة، فولى الكفار لا يلوون على شيء ونساؤهم يدعون بالويل، وتبعهم المسلمون حتى أجهضوهم، ووقعوا ينتهبون العسكر ويأخذون ما فيه من الغنائم. 43 وتكلم الرماة الذين على عينين واختلفوا بينهم، وثبت أميرهم عبد اللّٰه بن جبير في نفر يسير دون العشرة مكانهم، وقال: لا أجاوز أمر رسول اللّٰه صلى اللّٰه عليه وسلم، ووعظ أصحابه وذكّرهم أمر رسول اللّٰه صلى اللّٰه عليه وسلم، فقالوا: لم يرد رسول اللّٰه صلى اللّٰه عليه وسلم هذا، قد انهزم المشركون، فما مقامنا هاهنا؟ فانطلقوا يتبعون العسكر وينتهبون معهم، وخلوا الجبل. 44

تطويق الجيش الإسلامي

كانت الريح أول النهار صبا فصارت دبورًا، فبينا المسلمون قد شغلوا بالنهب والغنائم، إذ دخلت الخيول تنادي فرسانها بشعارهم: يا للعزى يا لهبل، ووضعوا في المسلمين السيوف وهم آمنون، وكل منهم في يده أو حضنه شيء قد أخذه، فقتلوا فيهم قتلا ذريعا، وتفرق المسلمون في كل وجه، وتركوا ما انتهبوا، وخلوا من أسروا، وكر خالد بن الوليد وعكرمة بن أبي جهل في الخيل إلى موضع الرماة، فرماهم عبد اللّٰه بن جبير بمن معه حتى قتل، فجردوه ومثل به أقبح المثل، وكانت الرماح قد شرعت في بطنه حتى خرقت ما بين سرته إلى خاصرته إلى عانته وخرجت حشوته، وجرح عامة من كان معه، وانتقضت صفوف المسلمين، واختلط المسلمون وصاروا يقتلون، ويضرب بعضهم بعضًا، ما يشعرون من العجلة والدهش، وجرح أسيد بن حضير جرحين ضربه أحدهما أبو بردة بن نيار وما يدري، وضرب أبو زعنة أبا بردة ضربتين وما يشعر، والتقت أسياف المسلمين على اليمان- حسيل بن جابر وهو والد حذيفة- وهم لا يعرفونه حين اختلطوا، وحذيفة يقول: أبي، أبي! حتى قتل. فقال حذيفة: يغفر اللّٰه لكم وهو أرحم الراحمين. فزادته عند رسول اللّٰه صلى اللّٰه عليه وسلم خيرا، وأمر رسول اللّٰه صلى اللّٰه عليه وسلم بديته أن تخرج، فتصدق حذيفة بن اليمان بديته على المسلمين. 45

لما اشتد القتال في صفوف المسلمين فتفرق جيش المسلمين إلى ثلاث فرق: فرقة استمروا في الهزيمة إلى قرب المدينة فما رجعوا حتى انقضى القتال وهم قليل وهم الذين نزل فيهم: إِنَّ الَّذِينَ تَوَلَّوْا مِنْكُمْ يَوْمَ الْتَقَى الْجَمْعَانِ إِنَّمَا اسْتَزَلَّهُمُ الشَّيْطَانُ بِبَعْضِ مَا كَسَبُوا وَلَقَدْ عَفَا اللَّهُ عَنْهُمْ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ حَلِيمٌ 155 46 وفرقة صاروا حيارى لما سمعوا أن النبي صلى اللّٰه عليه وسلم قتل، فصار غاية الواحد منهم أن يذب عن نفسه ويستمرّ في القتال إلى أن يقتل وهم أكثرهم. وفرقة بقيت مع النبي صلى اللّٰه عليه وسلم ثم تراجع إليهم الفرقة الثانية شيئا فشيئا لما عرفوا أنه صلى اللّٰه عليه وسلم حي. 47 وقد كسرت رباعية النبي صلى اللّٰه عليه وسلم وهشمت البيضة على رأسه وسال الدم على وجهه، فأنزل اللّٰه تعالى: أَوَلَمَّا أَصَابَتْكُمْ مُصِيبَةٌ قَدْ أَصَبْتُمْ مِثْلَيْهَا قُلْتُمْ أَنَّى هَذَا قُلْ هُوَ مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ 165 48

تبدد الجيش الإسلامي

اختلط الكفار بالمسلمين وحمى وطيس الحرب، فشاع أثناء المعركة خبر قتل رسول اللّٰه صلى اللّٰه عليه وسلم فانتشر الصحابة وتشتت صفوفهم. روي عن ابن عباس رضي اللّٰه عنهما أن ابن مسعود ثبت يومئذ مع رسول اللّٰه صلى اللّٰه عليه وسلم، وجعل رسول اللّٰه صلى اللّٰه عليه وسلم لما انكشف الناس عنه إلى الجبل لا يلوون يدعوهم في أخراهم يقول: ((إلي ‌يا ‌فلان، أنا رسول اللّٰه)) . فما يعرج عليه أحد، وهذا النبل يأتيه صلى اللّٰه عليه وسلم من كل ناحية، واللّٰه تعالى يصرف ذلك عنه. 49 وقد ذكر اللّٰه تعالى ذلك في القرآن: إِذْ تُصْعِدُونَ وَلَا تَلْوُونَ عَلَى أَحَدٍ وَالرَّسُولُ يَدْعُوكُمْ فِي أُخْرَاكُمْ فَأَثَابَكُمْ غَمًّا بِغَمٍّ لِكَيْلَا تَحْزَنُوا عَلَى مَا فَاتَكُمْ وَلَا مَا أَصَابَكُمْ وَاللَّهُ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ 153 50 أما شيوع خبر قتل الرسول صلى اللّٰه عليه وسلم فذلك أن ابن قميئة الحارثي قتل مصعب بن عمير، وكان يشبه بالنبي صلى اللّٰه عليه وسلم إذا لبس لأمته، فظن ابن قميئة أنه قتل رسول اللّٰه صلى اللّٰه عليه وسلم فرجع إلى قريش وقال: قد قتلت محمدا، فازداد جرأة وصاح إبليس من العقبة: قتل محمد. وعند ذلك صاح ثابت بن الدحداح: يا معشر الأنصار! إن كان محمد قد قتل فإن اللّٰه حي لا يموت، قاتلوا على دينكم، فإن اللّٰه مظفركم وناصركم، فنهض إليه نفر من الأنصار، فحمل بهم على كتيبة فيها خالد بن الوليد، وعمرو بن العاص، وعكرمة بن أبي جهل، وضرار بن الخطاب، فحمل عليه خالد بن الوليد بالرمح فقتله وقتل من كان معه من الأنصار رضي اللّٰه عنهم. 51

موقف الرسول ﷺ الباسل

انفرد الرسول صلى اللّٰه عليه وسلم في موقفه يقاوم ويرمي، وحوله عدة من أصحابه لا يكثر عددهم من عشرة، ثابتين صامدين مدافعين عنه. فقدو روي عن أنس بن مالك: أن رسول اللّٰه صلى اللّٰه عليه وسلم أفرد يوم أحد في سبعة من الأنصار ورجلين من قريش، فلما رهقوه، قال: ((من يردهم عنا وله الجنة أو هو رفيقي في الجنة)) ، فتقدم رجل من الأنصار، فقاتل حتى قتل، ثم رهقوه أيضًا، فقال: ((من يردهم عنا وله الجنة أو هو رفيقي في الجنة)) ، فتقدم رجل من الأنصار، فقاتل حتى قتل، فلم يزل كذلك حتى قتل السبعة، فقال رسول اللّٰه صلى اللّٰه عليه وسلم لصاحبيه: ((ما أنصفنا أصحابنا)) . 52 روي عن علي رضي اللّٰه عنه قال: لما انجلى الناس عن رسول اللّٰه صلى اللّٰه عليه وسلم يوم أحد نظرت في القتلى، فلم أر رسول اللّٰه صلى اللّٰه عليه وسلم، فقلت: واللّٰه ما كان ليفر وما أراه في القتلى، ولكن أرى اللّٰه تعالى غضب علينا بما صنعنا، فرفع نبيه صلى اللّٰه عليه وسلم، فما لي خير من أن أقاتل حتى أقتل، فكسرت جفن سيفي، ثم حملت على القوم فأفرجوا لي، فإذا أنا برسول اللّٰه صلى اللّٰه عليه وسلم بينهم، أي يقاتلهم صلى اللّٰه عليه وسلم. 53

وقد ثبت رسول اللّٰه صلى اللّٰه عليه وسلم مكانه ما يزول قدما واحدا، بل وقف في وجه العدو، وما يزال يرمي عن قوسه حتى تقطع وتره، وبقيت في يده منه قطعة تكون شبرا في سية القوس، فأخذ القوس عكاشة بن محصن ليوتره له، فقال: يا رسول اللّٰه لا يبلغ الوتر، فقال: ((مده فيبلغ)) ، قال عكاشة: فو الذي بعثه بالحق لمددته حتى بلغ، وطويت منه ليتين أو ثلاثا على سية القوس، ثم أخذ رسول اللّٰه صلى اللّٰه عليه وسلم قوسه، فما زال يرمي به وأبو طلحة يستره متترسا عنه حتى تحطمت القوس، وصارت شظايا، وفنيت نبله، فأخذ القوس قتادة بن النعمان، فلم تزل عنده، ورمى رسول اللّٰه صلى اللّٰه عليه وسلم بالحجارة، وكان أقرب الناس إلى العدو، وثبت معه صلى اللّٰه عليه وسلم خمسة عشر رجلا: ثمانية من المهاجرين: أبو بكر، وعمر، وعلي، وطلحة، والزبير، وعبد الرحمن بن عوف، وسعد بن أبي وقاص، وأبو عبيدة بن الجراح. وسبعة من الأنصار: الحباب بن المنذر، وأبو دجانة، وعاصم بن ثابت، والحارث بن الصمة، وسهل بن حنيف وسعد بن معاذ، وقيل: سعد بن عبادة، ومحمد بن مسلمة. ويقال: ثبت بين يديه يومئذ ثلاثون رجلا كلهم يقول: وجهي دون وجهك، ونفسي دون نفسك، وعليك السلام غير مودع. 54 وهذا سعد بن أبي وقاص دافع عن رسو اللّٰه صلى اللّٰه عليه وسلم حق الدفاع، روي عنه أنه رمى يوم أحد دون رسول اللّٰه صلى اللّٰه عليه وسلم، وقال: فلقد رأيت رسول اللّٰه صلى اللّٰه عليه وسلم يناولني النبل ويقول: ((ارم فدا لك أبي وأمي)) ، حتى إنه ليناولني السهم ما له من نصل فأرمي به. 55

ما أصاب الرسول ﷺ من الجراحة

كان المشركون يهدفون القضاء على حياة الرسول صلى اللّٰه عليه وسلم إلا أن أصحابه دافعوا عنه ببسالة منقطعة النظير، رغم ذلك أنه صلى اللّٰه عليه وسلم كسرت رباعيته، وشج في رأسه، فجعل يسلت الدم عنه. وذلك أن عتبة بن أبي وقاص رماه بحجر، فكسر رباعيته اليمنى السفلى، وشق شفته السفلى. ودعا عليه صلى اللّٰه عليه وسلم بقوله ((اللّٰهم لا يحول عليه الحول حتى يموت كافرا)) . وقد استجاب اللّٰه تعالى ذلك، وقتله في ذلك اليوم حاطب بن أبي بلتعة رضي اللّٰه عنه. قال حاطب: لما رأيت ما فعل عتبة برسول اللّٰه صلى اللّٰه عليه وسلم قلت لرسول اللّٰه صلى اللّٰه عليه وسلم أين توجه عتبة؟ فأشار النبي صلى اللّٰه عليه وسلم إلى حيث توجه فمضيت حتى ظفرت به، فضربته بالسيف فطرحت رأسه، فنزلت وأخذت فرسه وسيفه وجئت به إلى رسول اللّٰه صلى اللّٰه عليه وسلم، فقال لي: رضي اللّٰه عنك رضي اللّٰه عنك مرتين. 56 وشجه صلى اللّٰه عليه وسلم عبد اللّٰه بن شهاب الزهري في جبهته، وجرح ابن قميئة وجنته فدخلت حلقتان من حلق المغفر في وجنته، ووقع صلى اللّٰه عليه وسلم في حفرة من الحفر التي عمل أبو عامر ليقع فيها المسلمون وهم لا يعلمون، فأخذ علي بن أبى طالب رضي اللّٰه عنه بيده ورفعه طلحة بن عبيد اللّٰه حتى استوى قائما. ومص مالك بن سنان والد أبي سعيد الخدري الدم من وجهه ثم ازدرده، فقال رسول اللّٰه صلى اللّٰه عليه وسلم: ((من مس دمه دمي لم تصبه النار)) . 57 وقد نشبت حلقتان من حلق المعفر في وجهه صلى اللّٰه عليه وسلم، فانتزعهما أبو عبيدة بن الجراح رضي اللّٰه عنه وعض عليهما بثنيتيه، فسقطتا، وكان الهتم يزينه. 58

بسالة الصحابة واستشهادهم رضي اللّٰه عنهم

حينما غشيه صلى اللّٰه عليه وسلم الكفار فنادى في أصحابه: ((من رجل يشرى لنا نفسه؟)) . 59 فقام ‌زياد ‌بن ‌السكن في نفر خمسة من الأنصار، وبعض الناس يقول: إنما هو عمارة بن يزيد بن السكن. فقاتلوا دون رسول اللّٰه صلى اللّٰه عليه وسلم رجلا ثم رجلا، يقتلون دونه حتى كان آخرهم زياد أو عمارة فقاتل حتى أثبتته الجراحة ثم فاءت فئة من المسلمين فاجهضوهم عنه، فقال رسول اللّٰه صلى اللّٰه عليه وسلم: ((أدنوه مني)) فأدنوه منه فوسده قدمه فمات وخده على قدم رسول اللّٰه صلى اللّٰه عليه وسلم. وترّس دون رسول اللّٰه صلى اللّٰه عليه وسلم أبو دجانة بنفسه، يقع النبل في ظهره، وهو منحن عليه، حتى كثر فيه النبل. وجاء عمرو بن الجموح إلى النبي صلى اللّٰه عليه وسلم فقال: إن بني يريدون أن يحبسوني عن هذا الوجه، والخروج معك فيه، فواللّٰه إني لأرجو أن أطأ بعرجتي هذه في الجنة، فقال رسول اللّٰه صلى اللّٰه عليه وسلم: ((أما أنت فقد عذرك اللّٰه فلا جهاد عليك)) وقال لبنيه: ((ما عليكم أن لا تمنعوه، لعل اللّٰه أن يرزقه الشهادة)) فخرج معه فقتل. 60

ولما انكشف المشركون ضرب حنظلة فرس أبي سفيان بن حرب فوقع على الأرض، فصاح وحنظلة يريد ذبحه، فأدركه الأسود بن شداد، فحمل على حنظلة بالرمح فأنفذه، ومشى إليه حنظلة في الرمح وقد أثبته، ثم ضرب الثانية فقتله، فذكر ذلك لرسول اللّٰه صلى اللّٰه عليه وسلم، فقال: ((إني رأيت الملائكة تغسله بين السماء والأرض بماء المزن في صحاف الفضة)) . 61 وقد قال رسول اللّٰه صلى اللّٰه عليه وسلم: ((من ‌رجل ‌ينظر ‌لي ‌ما ‌فعل ‌سعد ‌بن ‌الربيع، أفي الأحياء هو أم في الأموات؟)) فقال رجل من الأنصار: أنا أنظر لك يا رسول اللّٰه ما فعل. فنظر فوجده جريحا في القتلى وبه رمق، قال فقلت له: إن رسول اللّٰه صلى اللّٰه عليه وسلم أمرني أن أنظر أفي الأحياء أنت أم في الأموات؟ قال: أنا في الأموات، فأبلغ رسول اللّٰه صلى اللّٰه عليه وسلم عني السلام، وقل له: إن سعد بن الربيع يقول: جزاك االلّٰه له عنا خير ما جزى نبيا عن أمته، وأبلغ قومك السلام عني وقل لهم: إن سعد بن الربيع يقول لكم: إنه لا عذر لكم عند اللّٰه إن خلص إلى نبيكم ومنكم عين تطرف. قال: ثم لم أبرح حتى مات. فجئت رسول اللّٰه صلى اللّٰه عليه وسلم فأخبرته خبره. 62 وممن استشهد في أحد أنس بن النضر، وهو عم أنس بن مالك الأنصاري رضي اللّٰه عنه. 63 قال أنس بن مالك: غاب عمي أنس بن النضر عن قتال بدر، فقال: يا رسول اللّٰه ، غبت عن أول قتال المشركين، لئن اللّٰه أشهدني قتال المشركين ليرينّ اللّٰه ما أصنع، فلما كان يوم أحد، وانكشف المسلمون قال: اللّٰهم إني اعتذر إليك مما صنع هؤلاء، يعني أصحابه، وأبرأ إليك مما صنع هؤلاء، يعني المشركين، ثم تقدم فاستقبله سعد بن معاذ، فقال: يا سعد، الجنة ورب النضر إني أجد ريحها من دون أحد. قال سعد: فما استطعت يا رسول اللّٰه، ما صنع. قال أنس: فوجدنا به بضعا وثمانين ضربة بالسيف، أو طعنة برمح، أو رمية بسهم، ووجدناه قد قتل، ومثّل به المشركون فما عرفه أحد إلا أخته ببنانه. 64

وكان مصعب بن عمير حامل اللواء يوم أحد فقطعت يده اليمنى، فأخذ اللواء بيده اليسرى وهو يقول: وما محمد إلا رسول قد خلت من قبله الرسل، ثم قطعت يده اليسرى فحنا على اللواء وضمه بعضديه إلى صدره وهو يقول: وما محمد إلا رسول قد خلت من قبله الرسل، ثم قتل فسقط اللواء، قال محمد بن شرحبيل: وما نزلت هذه الآية: وما محمد إلا رسول يومئذ حتى نزلت بعد.65 وكان الذي قتله ابن قمئة. 66

مقتل أبي بن خلف

من حديث أبي بن خلف أن النبي صلى اللّٰه عليه وسلم كان إذا لقيه بمكة يقول: يا محمد؛ إن عندي العوذ، يعني فرسا، أعلفه كل يوم فرقا من ذرة أقتلك عليه، فيقول له النبي صلى اللّٰه عليه وسلم: ((بل، أنا أقتلك إن شاء اللّٰه)) فلما انحاز المسلمون عن النبي صلى اللّٰه عليه وسلم وكان يقيه مصعب بن عمير فقتله ابن قمئة، جاء أبي وهو يقول: أين محمد؟ لا نجوت إن نجا، فاعترضه رجال من المسلمين، فأمر النبي صلى اللّٰه عليه وسلم أن يخلوا طريقه. قال الزبير: وكان معي حربة، فأخذها مني رسول اللّٰه صلى اللّٰه عليه وسلم، فانتفض بها انتفاضة تطايرنا عنه تطاير الشعراء، وهي ذباب صغير له لدغ، عن ظهر البعير إذا انتفض، فأبصر رسول اللّٰه صلى اللّٰه عليه وسلم ترقوة أبي بين سابغة الدرع والبيضة؛ فطعنه فيها، فوقع عن فرسه صريعا، ولم يخرج من طعنته دم، فأدركه المشركون وارتثوه، وله خوار، وهو يقول: قتلني واللّٰه محمد، قالوا: ذهب واللّٰه فؤادك، واللّٰه ما بك من بأس، فقال: إنه قد كان قال لي بمكة: أنا أقتلك، واللّٰه لو بصق علي لقتلني، فقفلوا به نحو مكة وهو يقول: والذي نفسي بيده، لو أن الذي بي بأهل المجاز لماتوا أجمعون، ومات عدو اللّٰه بسرف موضع قريب من التنعيم. 67

مرحلية نهائية للحرب

هدأت الحرب واجتمع النبي صلى اللّٰه عليه وسلم في شعب، وفي أثناء انسحاب رسول اللّٰه صلى اللّٰه عليه وسلم إلى الجبل عرضت له صخرة من الجبل، فنهض إليها ليعلوها، فلم يستطع أن ينهض إليها؛ لأنه ظاهر بين درعين يومئذ، فجلس تحته طلحة بن عبيد اللّٰه فنهض رسول اللّٰه صلى اللّٰه عليه وسلم حتى استوى عليها، فقال رسول اللّٰه صلى اللّٰه عليه وسلم: ((أوجب طلحة)) . 68 وكان الرسول صلى اللّٰه عليه وسلم جريحا فكانت فاطمة عليها السلام بنت رسول اللّٰه صلى اللّٰه عليه وسلم تغسله، وعلي بن أبي طالب رضي اللّٰه عنه يسكب الماء بالمجن، فلما رأت فاطمة أن الماء لا يزيد الدم إلا كثرة، أخذت قطعة من حصير، فأحرقتها وألصقتها، ‌فاستمسك ‌الدم، وكسرت رباعيته يومئذ، وجرح وجهه، وكسرت البيضة على رأسه. 69 وحانت الصلاة، فصلى صلى اللّٰه عليه وسلم قاعدا والمسلمون وراءه ‌قعودا. وانهزم قوم من المسلمين، فبلغ بعضهم إلى الجلعب دون الأعوص. 70 وكان الكفار فرحين على أنهم قتلوا النبي صلى اللّٰه عليه وسلم وأقرب أصحابه.

التمثيل بقتلى المسلمين

كانت هند زوجة أبي سفيان والنسوة اللاتي خرجن معها صرن يمثلن بقتلى المسلمين يجدعن، أي يقطعن من آذانهم وأنوفهم، واتخذن من ذلك قلائد، وشقت هند بطن سيدنا حمزة رضي اللّٰه عنه، وأخرجت كبده فلاكتها ومضغتها فلم تستطع أن تسيغها وتبتلعها، فلفظتها من فيها؛ لأنها كانت نذرت إن قدرت على حمزة رضي اللّٰه عنه لتأكلن من كبده. 71 ونادى أبو سفيان: أفي القوم محمد؟ ثلاث مرات، فنهاهم النبي صلى اللّٰه عليه وسلم أن يجيبوه، ثم قال: أفي القوم ابن أبي قحافة؟ ثلاث مرات، ثم قال: أفي القوم ابن الخطاب؟ ثلاث مرات، ثم رجع إلى أصحابه فقال: أما هؤلاء فقد قتلوا، فما ملك عمر نفسه، فقال: كذبت واللّٰه يا عدو اللّٰه، إن الذين عددت أحياء كلهم، وقد بقي لك ما يسؤوك. قال: يوم بيوم بدر، والحرب سجال، إنكم ستجدون في القوم مثلة، لم آمر بها ولم تسؤني، ثم أخذ يرتجز: اعل هبل، اعل هبل، قال النبي صلى اللّٰه عليه وسلم: ((ألا تجيبونه)) . قالوا: يا رسول اللّٰه ما نقول؟ قال: ((قولوا: اللّٰه أعلى وأجل)) . قال: إن لنا العزى ‌ولا ‌عزى ‌لكم، فقال النبي صلى اللّٰه عليه وسلم: ((ألا تجيبونه)) . قالوا: يا رسول اللّٰه ما نقول؟ قال: ((قولوا: اللّٰه مولانا ولا مولى لكم)) . 72 ثم نادى أبو سفيان: إن موعدكم بدر العام المقبل، فقال رسول اللّٰه صلى اللّٰه عليه وسلم لرجل من أصحابه: ((قل: نعم بيننا وبينكم موعد)) . 73

انصراف المشركين

رجع أبو سفيان بجيشه من أحد، فبعث رسول اللّٰه صلى اللّٰه عليه وسلم علي بن أبي طالب رضي اللّٰه عنه فقال: ((اخرج في إثر القوم فانظر ماذا يصنعون، وماذا يريدون، فإن كانوا قد جنبوا الخيل ‌وامتطوا ‌الإبل فإنهم يريدون مكة، وإن ركبوا الخيل وساقوا الإبل، فإنهم يريدون المدينة، والذي نفسي بيده، لئن أرادوها لأسيرن إليهم فيها، ثم لأناجزنهم)). قال علي رضي كرم اللّٰه وجهه: فخرجت في إثرهم أنظر ماذا يصنعون، فلما جنبوا الخيل، ‌وامتطوا ‌الإبل، ووجهوا إلى مكة، أقبلت أصيح ما أستطيع أن أكتم ما أمرني به رسول اللّٰه صلى اللّٰه عليه وسلم لما بي من الفرح إذ رأيتهم انصرفوا عن المدينة. 74

شهداء المسلمين

استشهد يوم أحد من المسلمين سبعون رجلا. 75 فخرج رسول اللّٰه صلى اللّٰه عليه وسلم يلتمس حمزة بن عبد المطلب فوجده ببطن الوادي قد بقر بطنه عن كبده ومثل به فجدع أنفه وأذناه، فقال رسول اللّٰه صلى اللّٰه عليه وسلم حين رأى ما رأى: ((لولا أن تحزن صفية ويكون سنة من بعدي لتركته حتى يكون في بطون السباع وحواصل الطير، ولئن أظهرني اللّٰه على قريش في مواطن من المواطن لأمثلن بثلاثين رجلا منهم)) . فلما رأى المسلمون حزن الرسول صلى اللّٰه عليه وسلم وغيظه على من فعل بعمه ما فعل، قالوا: واللّٰه لئن أظفرنا اللّٰه بهم يوما من الدهر لنمثلن بهم مثلة لم يمثلها أحد من العرب. فأنزل اللّٰه تعالى، فيما قاله من ذلك رسوله صلى اللّٰه عليه وسلم: وَإِنْ عَاقَبْتُمْ فَعَاقِبُوا بِمِثْلِ مَا عُوقِبْتُمْ بِهِ وَلَئِنْ صَبَرْتُمْ لَهُوَ خَيْرٌ لِلصَّابِرِينَ 126 76 فعفا رسول اللّٰه صلى اللّٰه عليه وسلم وصبر ونهى عن المثلة. ثم أمر به رسول اللّٰه صلى اللّٰه عليه وسلم فسجي ببرده، ثم صلى عليه فكبر سبع تكبيرات، ثم أتى بالقتلى، يوضعون إلى حمزة وصلى عليهم وعليه معهم، حتى صلى عليه ثنتين وسبعين صلاة. وأقبلت صفية بنت عبد المطلب إليه، وكان أخاها لأبيها وأمها، فقال رسول اللّٰه صلى اللّٰه عليه وسلم لابنها الزبير بن العوام: ((القها فأرجعها، لا ترى ما بأخيها)) . فقال لها: يا أمه، إن رسول اللّٰه صلى اللّٰه عليه وسلم يأمرك أن ترجعي. قالت: ولم؟ وقد بلغني أنه قد مثل بأخي، وذلك في اللّٰه، فما أرضانا بما كان من ذلك، لأحتسبن ولأصبرن إن شاء اللّٰه . فلما أخبر الزبير بذلك رسول اللّٰه صلى اللّٰه عليه وسلم قال له: ((خل سبيلها)) . فأتته فنظرت إليه فصلت عليه واسترجعت واستغفرت له. ثم أمر به رسول اللّٰه صلى اللّٰه عليه وسلم فدفن. 77

دفن الشهداء والرجوع إلى المدينة

لما انصرف المشركون أقبل المسلمون على أمواتهم، فكان حمزة رضي اللّٰه عنه فيمن أتي به أولا، فصلى عليه رسول اللّٰه صلى اللّٰه عليه وسلم. فكان حمزة أول من كبر عليه رسول اللّٰه صلى اللّٰه عليه وسلم، ثم جمع إليه الشهداء. فكان كلما أتي بشهيد وضع إلى جنب حمزة فصلى عليه وعلى الشهداء، حتى صلى عليه سبعين مرة. 78 ثم أمر النبي صلى اللّٰه عليه وسلم بدفنهم في ذلك الموضع فحفروا للأموات، فشكى الصحابة إلى رسول اللّٰه صلى اللّٰه عليه وسلم القرح يوم أحد، وأن الحفر شديد عليهم، فقال: ((احفروا وأعمقوا ‌وقدموا أكثرهم قرآنا)) . 79 ولما أشرف رسول اللّٰه صلى اللّٰه عليه وسلم على القتلى يوم أحد، قال: ((أنا شهيد على هؤلاء، إنه ‌ما ‌من ‌جريح ‌يجرح ‌في ‌اللّٰه، إلا واللّٰه يبعثه يوم القيامة يدمى جرحه، اللون لون دم والريح ريح مسك، انظروا أكثر هؤلاء جمعا للقرآن، فاجعلوه أمام أصحابه في القبر)) ، وكانوا يدفنون الاثنين والثلاثة في القبر الواحد. وقال رسول اللّٰه صلى اللّٰه عليه وسلم يومئذ، حين أمر بدفن القتلى: ((انظروا إلى عمرو بن الجموح، وعبد اللّٰه بن عمرو بن حرام، فإنهما كانا متصافيين في الدنيا، فاجعلوهما في قبر واحد)) .

ثم انصرف رسول اللّٰه صلى اللّٰه عليه وسلم راجعا إلى المدينة، فلقيته حمنة بنت جحش، فلما لقيت الناس نعي إليها أخوها عبد اللّٰه بن جحش، فاسترجعت واستغفرت له، ثم نعي لها خالها حمزة بن عبد المطلب فاسترجعت واستغفرت له، ثم نعي لها زوجها مصعب بن عمير، فصاحت وولولت! فقال رسول اللّٰه صلى اللّٰه عليه وسلم: إن زوج المرأة منها لبمكان! لما رأى من تثبتها عند أخيها وخالها، وصياحها على زوجها. ومر رسول اللّٰه صلى اللّٰه عليه وسلم بدار من دور الأنصار من بني عبد الأشهل وظفر، فسمع البكاء والنوائح على قتلاهم، فذرفت عينا رسول اللّٰه صلى اللّٰه عليه وسلم، فبكى، ثم قال: لكن حمزة لا بواكي له! فلما رجع سعد بن معاذ وأسيد بن حضير إلى دار بني عبد الأشهل أمرا نساءهم أن يتحزمن، ثم يذهبن فيبكين على عم رسول اللّٰه صلى اللّٰه عليه وسلم. ولما سمع رسول اللّٰه صلى اللّٰه عليه وسلم بكاءهن على حمزة خرج عليهن وهن على باب مسجده يبكين عليه، فقال: ارجعن يرحمكن اللّٰه، فقد آسيتن بأنفسكن. قال ابن هشام: لما سمع رسول اللّٰه صلى اللّٰه عليه وسلم بكاءهن، قال: ((رحم اللّٰه الأنصار! فإن المواساة منهم ما عتمت لقديمة، مروهن فلينصرفن)) . فلما انتهى رسول اللّٰه صلى اللّٰه عليه وسلم إلى أهله ناول سيفه ابنته فاطمة، فقال: ((اغسلي عن هذا دمه يا بنية، فواللّٰه لقد صدقني اليوم)) ، وناولها علي بن أبي طالب سيفه، فقال: وهذا أيضًا، فاغسلي عنه دمه، فواللّٰه لقد صدقني اليوم، فقال رسول اللّٰه صلى اللّٰه عليه وسلم: ((لئن كنت صدقت القتال لقد صدق معك سهل بن حنيف وأبو دجانة)) . 80

النتيجة

إن غزوة أحد كانت يوم بلاء، امتحن اللّٰه تعالى فيه أهل الإيمان، فميز بين المؤمنين الصادقين وبين المنافقين، الذين يظهرون الإيمان بألسنتهم ويخفون الكفر في قلوبهم. ولا شك أن المسلمون قد أغاروا على الكفار بكل شدة في أول مرحلة حتى تزلزلت أقدامهم واضطروا إلى الفرار وكاد النصر أن يكون للمسلمين تماما والهزيمة في حظ الكفار لو لم يترك الرماة موقفهم وجبهتهم فارغة، فلما نزلوا منها واشتغلوا بمتابعة الكفار الهاربين وجمع الغنائم فهاجم جيش الكفار على المسلمين من هناك، فانقلبت خطة الحرب وطوق الكفار الجيش الإسلامي من الجانبين فلحقت بهم خسائر فادحة. رغم ذلك رسم الصحابة على صفحات التاريخ البشري قصص وأساطير فريدة من العشق والوفاء بالرسول صلى اللّٰه عليه وسلم، ودافعوا دونه صلى اللّٰه عليه وسلم وحافظوا على حياته مجتمعين حوله، فانسحابوا إلى جانب مع التقديم بتضحية أنفسهم في سبيل الحفاظ على نفس النبي صلى اللّٰه عليه وسلم، إلى أن هدأت الحرب. وقد تمت غزوة أحد دون تحقيق النصر الواضح لأحد الفريقين، واعترف بعدم انتصار الكفار أبو سفيان في نهاية الحرب حيث قال: إن الحرب سجال بيننا وبينكم.

 


  • 1 أبو العباس أحمد بن علي الحسیني المقریزي، إمتاع الأسماع بما للنبيﷺ من الأحوال والأموال والحفدة والمتاع، ج-1، مطبوعة: دار الکتب العلمية، بیروت، لبنان، 1999م، ص: 130
  • 2 أبو محمد علي بن أحمد ابن حزم الأندلسي، جوامع السیرة النبوية، مطبوعة: دار الکتب العلمية، بیروت، لبنان، 2003م، ص:93
  • 3 شمس الدين محمد بن أبي بكر ابن قيم الجوزية، زاد المعاد في هدي خير العباد، ج-3، مطبوعة: مؤسسة الرسالة، بيروت، لبنان، 2005م، ص: 174
  • 4 أبو الفرج علي بن إبراهيم الحلبي، إنسان العیون في سیرة الأمین المأمون، ج-2، مطبوعة: دار الكتب العلمية، بيروت، لبنان، 2013م، ص: 346-347
  • 5 أبو العباس أحمد بن علي الحسیني المقریزي، إمتاع الأسماع بما للنبيﷺ من الأحوال والأموال والحفدة والمتاع، ج-1، مطبوعة: دار الکتب العلمية، بیروت، لبنان، 1999م، ص: 172
  • 6 أبو محمد عبد الملك بن هشام المعافري، السيرة النبوية، مطبوعة: دار الكتب العلمية، بيروت، لبنان، 2009م، ص: 521
  • 7 أبو عبد اللّٰه محمد بن سعد البصري، الطبقات الكبرى، ج-2، مطبوعة: دارالکتب العلمية، بيروت، لبنان، 1990م، 28
  • 8 القرآن، سورة الأنفال 8: 36
  • 9 أبو الفرج علي بن إبراهيم الحلبي، إنسان العیون في سیرة الأمین المأمون، ج-2، مطبوعة: دار الكتب العلمية، بيروت، لبنان، 2013م، ص: 296
  • 10 أبو القاسم عبد الرحمن بن عبد اللّٰه السهيلي، الروض الأنف في شرح السیرة النبوية لابن هشام، ج-3، مطبوعة: دار الکتب العلمية، بیروت، لبنان، 2009م، ص:241-242
  • 11 أبو عبد اللّٰه محمد بن یوسف الصالحي الشامي، سبل الهدى والرشاد في سیرة خیر العباد، ج-4، مطبوعة: دار الکتب العلمية، بیروت، لبنان، 2013م، ص: 183
  • 12 أبو محمد عبد الملك بن هشام المعافري، السيرة النبوية، مطبوعة: دار الكتب العلمية، بيروت، لبنان، 2009م، ص: 522
  • 13 الشيخ حسین بن محمد الدیاربکري، تاريخ الخميس في أحوال أنفس النفيسﷺ، ج-2، مطبوعة: دار الکتب العلمية، بيروت، لبنان، 2009م، ص: 184
  • 14 أبو عبد اللّٰه محمد بن عمر الواقدي، المغازي، ج-1، مطبوعة: دار الكتب العلمية، بيروت، لبنان، 2004م، ص: 191
  • 15 الشیخ حسین بن محمد الدیاربکري، تاريخ الخميس في أحوال أنفس النفيسﷺ، ج-2، مطبوعة: دار الکتب العلمية، بيروت، لبنان، 2009م، ص: 184
  • 16 أبو عبد اللّٰه محمد بن عمر الواقدي، المغازي، ج-1، مطبوعة: دار الكتب العلمية، بيروت، لبنان، 2004م، ص: 191-192
  • 17 أبو عبد اللّٰه أحمد بن محمد الشیباني، مسند الإمام أحمد بن حنبل، حدیث: 2445، ج-4، مطبوعة: مؤسسة الرسالة، بیروت، لبنان، 2001م، ص: 259
  • 18 صفي الرحمن المباركفوري، الرحيق المختوم، مطبوعة: دار ابن حزم، بيروت، لبنان، 2010م، ص: 266-267
  • 19 محمد بن إسحاق المطلبي، كتاب السير والمغازي المعروف بالسيرة النبوية لابن إسحاق، ج-1، مطبوعة: دار الكتب العلمية، بيروت، لبنان، 2009م، ص: 332
  • 20 أبو عبد اللّٰه محمد بن عمر الواقدي، المغازي، ج-1، مطبوعة: دار الكتب العلمية، بيروت، لبنان، 2004م، ص: 196
  • 21 أبو عبد اللّٰه أحمد بن محمد الشیباني، مسند الإمام أحمد بن حنبل، حدیث: 14787، ج-23، مطبوعة: مؤسسة الرسالة، بیروت، لبنان، 2001م، ص: 100
  • 22 أبو عبد اللّٰه محمد بن سعد البصري، الطبقات الكبرى، ج-2، مطبوعة: دار الکتب العلمية، بيروت، لبنان، 1990م، ص: 29-30
  • 23 أبو الفرج علي بن إبراهيم الحلبي، إنسان العیون في سیرة الأمین المأمون، ج-2، مطبوعة: دار الكتب العلمية، بيروت، لبنان، 2013م، ص: 300
  • 24 أبو عبد اللّٰه محمد بن عمر الواقدي، المغازي، ج-1، مطبوعة: دار الكتب العلمية، بيروت، لبنان،2004م، ص: 197-198
  • 25 أبو عبد اللّٰه محمد بن یوسف الصالحي الشامي، سبل الهدى والرشاد في سیرة خیر العباد، ج-4، مطبوعة: دار الکتب العلمية، بیروت، لبنان، 2013م، ص: 188
  • 26 القرآن، سورة آل عمران 3: 167
  • 27 القرآن، سورة آل عمران 3: 179
  • 28 القرآن، سورة النساء، 4: 88
  • 29 أبو عبد اللّٰه أحمد بن محمد الشیباني، مسند الإمام أحمد بن حنبل، حدیث: 21599، ج-35، مطبوعة: مؤسسة الرسالة، بیروت، لبنان، 2001م، ص: 477
  • 30 الشیخ حسین بن محمد الدیاربکري، تاريخ الخميس في أحوال أنفس النفيسﷺ، ج-2، مطبوعة: دار الکتب العلمية، بيروت، لبنان، 2009 م، ص: 190
  • 31 أبو عبد اﷲ محمد بن إسماعیل البخاري، صحیح البخاري، حدیث:4043 ، مطبوعة: دار السلام، الریاض، السعودية، 1999م، ص: 684
  • 32 أبو عبد الله محمد بن یوسف الصالحي الشامي، سبل الهدى والرشاد في سیرة خیر العباد، ج-4، مطبوعة: دار الکتب العلمية، بیروت، لبنان، 2013م، ص: 191
  • 33 أبو حاتم محمد بن حبان البستي، السيرة النبوية وأخبار الخلفاء، ج-1، مطبوعة: الکتب الثقافية، بیروت، لبنان، 1417ه، ص: 222
  • 34 أبو الفرج علي بن إبراهيم الحلبي، إنسان العیون في سیرة الأمین المأمون، ج-2، مطبوعة: دار الكتب العلمية، بيروت، لبنان، 2013م، ص: 303
  • 35 أبو عبد اﷲ محمد بن إسماعیل البخاري، صحیح البخاري، حدیث:2847، مطبوعة: دار السلام، الریاض، السعودية، 1999م، ص: 471
  • 36 أبو الفرج علي بن إبراهيم الحلبي، إنسان العیون في سیرة الأمین المأمون، ج-2، مطبوعة: دار الكتب العلمية، بيروت، لبنان، 2013م، ص: 303-305
  • 37 أبو بكر أحمد بن عمرو العتكي المعروف بالبزار، مسند البزار المنشور باسم البحر الزخار، حدیث: 979، ج-3، مطبوعة: مكتبة العلوم والحكم، المدينة المنورة، السعودية، 2009م، ص: 193
  • 38 أبو القاسم سلیمان بن أحمد الطبراني، المعجم الکبیر، حدیث: 6508، ج-7، مطبوعة: مكتبة ابن تیمية، القاهرة، مصر، 1994م، ص: 104
  • 39 أبو بكر أحمد بن الحسين البيهقي، دلائل النبوة ومعرفة أحوال صاحب الشريعة، ج-3، مطبوعة: دار الكتب العلمية، بيروت، لبنان، 2008م، ص: 215-216
  • 40 أبو الفرج علي بن إبراهيم الحلبي، إنسان العیون في سیرة الأمین المأمون، ج-2، مطبوعة: دار الكتب العلمية، بيروت، لبنان، 2013م، ص: 307
  • 41 أبو عبد اﷲ محمد بن إسماعیل البخاري، صحیح البخاري، حدیث:4072، مطبوعة: دار السلام، الریاض، السعودية، 1999م، ص: 689
  • 42 أبو الفتح محمد بن محمد ابن سيد الناس اليعمري، عیون الأثر في فنون المغازي والشمائل والسیر، ج-2، دار القلم، بيروت، لبنان، 1993م، ص: 17
  • 43 أبو عبد الله محمد بن عبد الباقي الزرقاني، شرح الزرقاني علی المواهب اللدنية بالمنح المحمدية، ج-2، مطبوعة: دار الكتب العلمية، بیروت، لبنان، 2012م، ص: 410
  • 44 أبو الفتح محمد بن محمد ابن سيد الناس اليعمري، عیون الأثر في فنون المغازي والشمائل والسیر، ج-2، دار القلم، بيروت، لبنان، 1993م، ص: 19
  • 45 أبو العباس أحمد بن علي الحسیني المقریزي، إمتاع الأسماع بما للنبيﷺ من الأحوال والأموال والحفدة والمتاع، ج-1، مطبوعة: دار الکتب العلمية، بیروت، لبنان، 1999م، ص: 145-146
  • 46 القرآن، سورة آل عمران 3: 155
  • 47 الشیخ حسین بن محمد الدیاربکري، تاريخ الخميس في أحوال أنفس النفيسﷺ، ج-2، مطبوعة: دار الکتب العلمية، بيروت، لبنان، 2009 م، ص: 202-203
  • 48 القرآن، سورة آل عمران 3: 165
  • 49 أبو عبد الله محمد بن یوسف الصالحي الشامي، سبل الهدى والرشاد في سیرة خیر العباد، ج-4، مطبوعة: دار الکتب العلمية، بیروت، لبنان، 2013م، ص: 197
  • 50 القرآن، سورة آل عمران 3: 153
  • 51 أبو الفرج علي بن إبراهيم الحلبي، إنسان العیون في سیرة الأمین المأمون، ج-2، مطبوعة: دار الكتب العلمية، بيروت، لبنان، 2013م، ص: 309
  • 52 أبو الحسين مسلم بن الحجاج النيسابوري، صحيح مسلم، حديث: 1789، مطبوعة: دار السلام، الرياض، السعودية، 2000م، ص: 798
  • 53 أبو عبد الله محمد بن یوسف الصالحي الشامي، سبل الهدى والرشاد في سیرة خیر العباد، ج-4، مطبوعة: دار الکتب العلمية، بیروت، لبنان، 2013م، ص: 198
  • 54 أيضًا، ج-4، ص: 197
  • 55 أبو بكر أحمد بن الحسين البيهقي، دلائل النبوة ومعرفة أحوال صاحب الشريعة، ج-3، مطبوعة: دار الكتب العلمية، بيروت، لبنان، 2008م، ص: 239
  • 56 أبو الفرج علي بن إبراهيم الحلبي، إنسان العیون في سیرة الأمین المأمون، ج-2، مطبوعة: دار الكتب العلمية، بيروت، لبنان، 2013م، ص: 317
  • 57 أبو الربیع سلیمان بن موسی الكلاعي، الإكتفاء بما تضمنه من مغازي رسول الله والثلاثة الخلفاء، ج-1، مطبوعة: دار الكتب العلمية، بيروت، لبنان، 2000م، ص: 378
  • 58 أبو عمر یوسف بن عبد الله ابن عبد البر النمري، الدرر في اختصار المغازي والسير، مطبوعة: دار المعارف، القاهرة، مصر، 1403ه، ص: 149
  • 59 أبو الربیع سلیمان بن موسی الكلاعي، الإكتفاء بما تضمنه من مغازي رسول الله والثلاثة الخلفاء، ج-1، مطبوعة: دار الكتب العلمية، بيروت، لبنان، 2000م، ص: 378
  • 60 أبو القاسم عبد الرحمن بن عبد الله السهيلي، الروض الأنف في شرح السیرة النبوية لابن هشام، ج-3، مطبوعة: دار الکتب العلمية، بیروت، لبنان، 2009م، ص: 266-277
  • 61 أبو عبد الله محمد بن یوسف الصالحي الشامي، سبل الهدى والرشاد في سیرة خیر العباد، ج-4، مطبوعة: دار الکتب العلمية، بیروت، لبنان، 2013م، ص: 213
  • 62 أبو الربیع سلیمان بن موسی الكلاعي، الإكتفاء بما تضمنه من مغازي رسول الله والثلاثة الخلفاء، ج-1، مطبوعة: دار الكتب العلمية، بيروت، لبنان، 2000م، ص: 385
  • 63 أبو عمر یوسف بن عبد الله ابن عبد البر النمري، الإستیعاب في معرفة الأصحاب، ج-1، مطبوعة: دار الجیل، بیروت، لبنان، 1992م، ص: 108
  • 64 أبو عبد الله محمد بن عبد الباقي الزرقاني، شرح الزرقاني علی المواهب اللدنية بالمنح المحمدية، ج-2، مطبوعة: دار الكتب العلمية، بیروت، لبنان، 2012م، ص:417
  • 65 أبو عبد الله محمد بن یوسف الصالحي الشامي، سبل الهدى والرشاد في سیرة خیر العباد، ج-4، مطبوعة: دار الکتب العلمية، بیروت، لبنان، 2013م، ص: 219
  • 66 أبو عبد الله محمد بن عبد الباقي الزرقاني، شرح الزرقاني علی المواهب اللدنية بالمنح المحمدية، ج-2، مطبوعة: دار الكتب العلمية، بیروت، لبنان، 2012م، ص: 414
  • 67 حسن بن محمد المشاط المالكي، إنارة الدجى في مغازي خير الورى صلى الله عليه وسلم، مطبوعة: دار المنهاج، جدة، السعودية، 1426ه، ص: 313-314
  • 68 أبو عبد الله محمد بن أحمد شمس الدين الذهبي، السیرة النبوية من کتاب تاریخ الاسلام، مطبوعة: دار ابن حزم، بیروت، لبنان، 2010م، ص: 380
  • 69 أبو عبد اﷲ محمد بن إسماعیل البخاري، صحیح البخاري، حدیث: 4075، مطبوعة: دار السلام، الریاض، السعودية، 1999م، ص: 690
  • 70 أبو محمد علي بن أحمد ابن حزم الأندلسي، جوامع السیرة النبوية، مطبوعة: دار الکتب العلمية، بیروت، لبنان، 2003م، ص: 98
  • 71 أبو الفرج علي بن إبراهيم الحلبي، إنسان العیون في سیرة الأمین المأمون، ج-2، مطبوعة: دار الكتب العلمية، بيروت، لبنان، 2013م، ص: 331
  • 72 أبو عبد الله محمد بن إسماعيل البخاري، صحيح البخاري، حديث: 3039، مطبوعة: دار السلام، الرياض، السعودية، 1999م، ص: 501-502
  • 73 أبو الفرج علي بن إبراهيم الحلبي، إنسان العیون في سیرة الأمین المأمون، ج-2، مطبوعة: دار الكتب العلمية، بيروت، لبنان، 2013م، ص: 333
  • 74 محمد بن إسحاق المطلبي، كتاب السير والمغازي المعروف بالسيرة النبوية لابن إسحاق، ج-1، مطبوعة: دار الكتب العلمية، بيروت، لبنان، 2009م، ص: 343
  • 75 أبو عمر يوسف بن عبد الله ابن عبد البر النمري، الدرر في اختصار المغازي والسير، مطبوعة: دار المعارف، القاهرة، مصر، 1403ه، ص: 156
  • 76 القرآن، سورة النحل 16: 126
  • 77 القرآن، سورة النحل 16: 126
  • 78 أبو العباس أحمد بن علي الحسیني المقریزي، إمتاع الأسماع بما للنبيﷺ من الأحوال والأموال والحفدة والمتاع، ج-1، مطبوعة: دار الکتب العلمية، بیروت، لبنان، 1999م، ص: 173
  • 79 أبو بكر أحمد بن الحسين البيهقي، دلائل النبوة ومعرفة أحوال صاحب الشريعة، ج-3، مطبوعة: دار الكتب العلمية، بيروت، لبنان، 2008م، ص: 297
  • 80 أبو محمد عبد الملك بن هشام المعافري، السيرة النبوية، مطبوعة: دار الكتب العلمية، بيروت، لبنان، 2009م، ص: 544-545