Encyclopedia of Muhammad

أم المؤمنين سودة بنت زمعة رضي اللّٰه عنها

Published on: 30-Jul-2025

أم المؤمنين سودة بنت زمعة رضي اللّٰه عنها كانت امرأة قرشية، أبوها زمعة بن قيس بن عبد شمس بن عبد ود بن نصر بن مالك بن حسل بن عامر بن لؤي. 1 وأمها ‌الشموس بنت قيس بن زيد بن عمرو بن لبيد بن خداش بن عامر بن غنم بن عدي بن النجار الأنصارية. 2 تكنى بأم الأسود، رضي اللّٰه عنها. 3

لمحات من حياتها قبل زواجها بالنبي صلى اللّٰه عليه وسلم

قبل أن تزوجها الرسول صلى اللّٰه عليه وسلم كانت تحت ابن عمها السكران بن عمرو، أخي سهيل بن عمرو، وكان ممن أسلم في الأوائل. 4 وقد هاجر مع زوجته سودة إلى الحبشة، ثم رجعا إلى مكة. 5 وأثناء مكثها في مكة، رأت في المنام كأن النبي صلى اللّٰه عليه وسلم أقبل يمشي حتى وطىء على عنقها، فأخبرت زوجها بذلك، فقال: لئن صدقت رؤياك لأموتن وليتزوجنك محمد. ثم رأت في المنام ليلة أخرى أن قمرا انقض عليها من السماء وهي مضطجعة، فأخبرت زوجها، فقال: لئن صدقت رؤياك لم ألبث إلا يسيرا حتى أموت وتتزوجين من بعدي، فاشتكى السكران من يومه ذلك فلم يلبث إلا قليلا حتى مات. 6

زواجها بالنبي صلى اللّٰه عليه وسلم

بعد أن مات زوجها السكران تزوجها النبي صلى اللّٰه عليه وسلم، وهي أول امرأة تزوجها بعد موت خديجة بنت خويلد رضي اللّٰه عنها. 7 وقصة زواجها بالنبي صلى اللّٰه عليه وسلم كما ترويها عائشة رضي اللّٰه عنها أنها لما ماتت خديجة بنت خويلد جاءت خولة بنت حكيم إلى رسول اللّٰه صلى اللّٰه عليه وآله وسلم، فقالت: يا رسول اللّٰه، ألا تزوج؟ قال: (( ومن؟ )) قالت: إن شئت بكرا وإن شئت ثيبا. فقال: (( ومن البكر ومن الثيب؟ )) فقالت: أما البكر فابنة أحب خلق اللّٰه إليك عائشة، وأما الثيب فسودة بنت زمعة، قد آمنت بك، واتبعتك. قال: (( فاذكريهما علي )). قالت: فأتيت أم رومان، فقلت: يا أم رومان، ماذا أدخل اللّٰه عليكم من الخير والبركة؟ قالت: وذاك ماذا؟ قالت: قلت: رسول اللّٰه يذكر عائشة. قالت: انتظري، فإن أبا بكر آت. قالت: فجاء أبو بكر، فذكرت ذلك له. فقال: أفتصلح له وهي ابنة أخيه؟ فقال رسول اللّٰه صلى اللّٰه عليه وآله وسلم: (( أنا أخوه وهو أخي، وابنته تصلح لي )). قالت: وقام أبو بكر، فقالت لي أم رومان: إن المطعم بن عدي قد كان ذكرها على ابنه، واللّٰه ما أخلف وعدا قط، يعني أبا بكر. قالت: فأتى أبا بكر المطعم فقال: ما تقول في أمر هذه الجارية؟ قال: فأقبل على امرأته، فقال لها: ما تقولين يا هذه؟ قال: فأقبلت على أبي بكر، وقالت: لعلنا إن أنكحنا هذا الفتى إليك تصيبه وتدخله في دينك الذي أنت عليه! قالت: فأقبل عليه أبو بكر، فقال: ماذا تقول أنت؟ فقال: إنها لتقول ما تسمع. قالت: فقام أبو بكر وليس في نفسه من الموعد شيء. قالت: فقال لها أبو بكر: قولي لرسول اللّٰه صلى اللّٰه عليه وآله وسلم: فليأت. قالت: فجاء رسول اللّٰه صلى اللّٰه عليه وآله وسلم، فملكها. قالت خولة: ثم انطلقت إلى سودة بنت زمعة وأبوها شيخ كبير، قد جلس عن الموسم، قالت: فحييته بتحية أهل الجاهلية، وقلت: أنعم صباحا. قال: من أنت؟ قالت: قلت خولة بنت حكيم. قالت: فرحب بي، وقال: ما شاء اللّٰه أن يقول. قالت: قلت: محمد بن عبد اللّٰه بن عبد المطلب يذكر سودة بنت زمعة. قال: كفؤ كريم، ماذا تقول صاحبتك؟ قالت: قلت: تحب ذاك. قال: قولي له فليأت. قالت: فجاء رسول اللّٰه صلى اللّٰه عليه وآله وسلم، وتزوجها. 8 وأصدقها رسول اللّٰه صلى اللّٰه عليه وسلم أربعمائة درهم. 9

هجرتها إلى المدينة المنورة

مكث النبي صلى اللّٰه عليه وسلم بمكة بعد زواجه بسودة رضي اللّٰه عنها ثلاث سنوات تقريبا حتى أمره اللّٰه عز وجل بالهجرة، فخرج النبي صلى اللّٰه عليه وسلم مع أبي بكر مهاجرين إلى المدينة المنورة. 10 تقول عائشة رضي اللّٰه عنها: لما هاجر رسول اللّٰه صلى اللّٰه عليه وسلم إلى المدينة خلفنا وخلف بناته، فلما قدم المدينة بعث إلينا زيد بن حارثة وبعث معه أبا رافع مولاه وأعطاهما بعيرين وخمسمائة درهم أخذها رسول اللّٰه صلى اللّٰه عليه وسلم من أبي بكر يشتريان بها ما يحتاجان إليه من الظهر، وبعث أبو بكر معهما عبد اللّٰه بن أريقط ببعيرين أو ثلاثة، وكتب إلى عبد اللّٰه بن أبي بكر يأمره أن يحمل أهله أمي أم رومان وأنا وأختي أسماء امرأة الزبير، فخرجوا مصطحبين، فلما انتهوا إلى قديد اشترى زيد بن حارثة بتلك الخمسمائة ثلاثة أبعرة ثم رحلوا من مكة جميعا، وصادفوا طلحة بن عبيد اللّٰه يريد الهجرة بآل أبي بكر فخرجنا جميعا وخرج زيد بن حارثة وأبو رافع بفاطمة وأم كلثوم وسودة بنت زمعة، وحمل زيد أم أيمن وأسامة بن زيد، وخرج عبد اللّٰه بن أبي بكر بأم رومان وأختيه. 11

صفتها وخلقها

كانت أم المؤمنين سودة رضي اللّٰه عنها امرأة ثبطة. 12 أي ثقيلة ضخمة سمينة. 13 كما كانت هي امرأة طويلة، تعرف بطول قدها من بعيد وفي الظلمة، عن عائشة رضي اللّٰه عنها قالت: إن أزواج النبي صلى اللّٰه عليه وسلم كن بالليل إذا تبرزن إلى المناصع، وهو صعيد أفيح، فخرجت سودة رضي اللّٰه عنها ليلة من الليالي عشاءًا، وكانت امرأة طويلة، فناداها عمر: ألا قد عرفناكِ يا سودة؛ حرصًا على أن ينزل الحجاب. 14

وكانت سودة رضي اللّٰه عنها امرأة ورعة زاهدة في الدنيا، مجتهدة في الطاعات والحسنات، متمسكة بأمر النبي صلى اللّٰه عليه وسلم في كل الحالات، وقال النبي صلى اللّٰه عليه وسلم في حجة الوداع: (( هذه ثم ظهور الحصر )). فكانت تقول: لا أحج بعدها. 15 وذات يوم قالت للنبي صلى اللّٰه عليه وسلم: صليت خلفك البارحة، فركعت بي حتى أمسكت بأنفي؛ مخافة أن يقطر الدم. فضحك النبي صلى اللّٰه عليه وسلم، وكانت ‌تضحكه ‌الأحيان ‌بالشيء. 16 روي عن عائشة رضي اللّٰه عنها قالت: ما من امرأة أحب إلي أن أكون في مسلاخها من سودة إلا أن بها حدة تسرع منها الفيئة. 17 وروي أن عمر رضي اللّٰه عنه بعث إلى سودة بغرارة دراهم. فقالت: ما هذه؟ قالوا: دراهم. قالت: ‌في ‌الغرارة ‌مثل ‌التمر! يا جارية: بلغيني القنع ففرقتها. 18 ولما أسنت وكبرت فوهبت يومها وليلتها لعائشة؛ تبتغي بذلك مرضاة رسول اللّٰه صلى اللّٰه عليه وسلم. 19 يروى لسودة رضي اللّٰه عنها خمسة أحاديث في الكتب الحديثية، منها في الصحيحين. 20

وفاتها

توفيت سودة رضي اللّٰه عنها في آخر خلافة عمر بن الخطاب رضي اللّٰه عنه. 21 ودفنت في البقيع، وما زال قبرها موجودا فيه.


  • 1  أبو عبد اللّٰه محمد بن سعد البصري، الطبقات الكبرى، ج-8، مطبوعة: دار الكتب العلمية، بيروت، لبنان، 1990م، ص: 42
  • 2  أبو الحسن علي بن محمد ابن الأثير الجزري، أسد الغابة في معرفة الصحابة، مطبوعة: دار ابن حزم، بيروت، لبنان، 2012م، ص: 1537
  • 3  أبو زكريا يحيى بن شرف النووي، تهذيب الأسماء واللغات، ج-2، مطبوعة: دار الفيحاء، دمشق، سوريا، 2022م، ص: 789
  • 4  أبو الحسن علي بن محمد ابن الأثير الجزري، أسد الغابة في معرفة الصحابة، مطبوعة: دار ابن حزم، بيروت، لبنان، 2012م، ص: 1537
  • 5  أبو عبد اللّٰه محمد بن أحمد شمس الدين الذهبي، سير أعلام النبلاء، ج-2، مطبوعة: مؤسسة الرسالة، بيروت، لبنان، 1985م، ص: 267
  • 6  عبد الرحمن بن أبي بكر جلال الدين السيوطي، الخصائص الكبرى، ج-1، مطبوعة: دار الكتب العلمية، بيروت، لبنان، 2008م، ص: 299
  • 7  أبو عبد اللّٰه محمد بن سعد البصري، الطبقات الكبرى، ج-4، مطبوعة: دار الكتب العلمية، بيروت، لبنان، 1990م، ص: 154
  • 8  أبو بكر أحمد بن الحسين البيهقي، دلائل النبوة ومعرفة أحوال صاحب الشريعة ﷺ، ج-2، مطبوعة: دار الكتب العلمية، بيروت، لبنان، 2008م، ص: 411- 412
  • 9  أبو القاسم عبد الرحمن بن عبد اللّٰه السهيلي، الروض الأنف، ج-4، مطبوعة: دار الكتب العلمية، بيروت، لبنان، 2009م، ص: 428
  • 10  أبو عبد اللّٰه محمد بن يوسف الصالحي الشامي، سبل الهدى والرشاد في سيرة خير العباد، ج-3، مطبوعة: دار الكتب العلمية، بيروت، لبنان، 2013م، ص: 239
  • 11  أبو عبد اللّٰه محمد بن سعد البصري، الطبقات الكبرى، ج-8، مطبوعة: دار الكتب العلمية، بيروت، لبنان، 1990م، ص: 49-50
  • 12  أبو عبد اللّٰه محمد بن يوسف الصالحي الشامي، سبل الهدى والرشاد في سيرة خير العباد، ج-11، مطبوعة: دار الكتب العلمية، بيروت، لبنان، 2013م، ص: 200
  • 13  أبو عبد اللّٰه محمد بن أحمد شمس الدين الذهبي، تذهيب تهذيب الكمال في أسماء الرجال، ج-11، مطبوعة: الفاروق الحديثة، القاهرة، مصر، 2004م، ص: 142
  • 14  أبو عبد اللّٰه محمد بن إسماعيل البخاري، صحيح البخاري، حديث: 146، مطبوعة: دار السلام، الرياض، السعودية، 1999م، ص: 31
  • 15  أبو عبد الله محمد بن أحمد شمس الدين الذهبي، سير أعلام النبلاء، ج-2، مطبوعة: مؤسسة الرسالة، بيروت، لبنان، 1985م، ص: 268
  • 16  أبو عبد اللّٰه محمد بن سعد البصري، الطبقات الكبرى، ج-8، مطبوعة: دار الكتب العلمية، بيروت، لبنان، 1990م، ص: 44
  • 17  أبو عبد اللّٰه محمد بن أحمد شمس الدين الذهبي، تذهيب تهذيب الكمال في أسماء الرجال، ج-11، مطبوعة: الفاروق الحديثة، القاهرة، مصر، 2004م، ص: 142
  • 18  أبو عبد اللّٰه محمد بن أحمد شمس الدين الذهبي، سير أعلام النبلاء، ج-2، مطبوعة: مؤسسة الرسالة، بيروت، لبنان، 1985م، ص: 269
  • 19  أبو عبد اللّٰه محمد بن سعد البصري، الطبقات الكبرى، ج-8، مطبوعة: دار الكتب العلمية، بيروت، لبنان، 1990م، ص: 43
  • 20  أبو عبد اللّٰه محمد بن أحمد شمس الدين الذهبي، سير أعلام النبلاء، ج-2، مطبوعة: مؤسسة الرسالة، بيروت، لبنان، 1985م، ص: 269
  • 21  أبو الحسن علي بن محمد ابن الأثير الجزري، أسد الغابة في معرفة الصحابة، مطبوعة: دار ابن حزم، بيروت، لبنان، 2012م، ص: 1538

Powered by Netsol Online