أم المؤمنين ميمونة بنت الحارث الهلالية كانت إحدى أزوج النبي صلى اللّٰه عليه وسلم، اسمهما برة فسماها الرسول صلى اللّٰه عليه وسلم ميمونة. 1 كن تسع أخوات، قال فيهن النبي صلى اللّٰه عليه وسلم: (( الأخوات مؤمنات )). 2 عدادها فيمن آمن بالنبي صلى اللّٰه عليه وسلم قبل الهجرة، لكنها لم تهاجر إلى المدينة لعدة أسباب واجهتها.
ذكر نسبها من أبيها أنها ميمونة بنت الحارث بن حزن بن بجير ابن الهزم بن رويبة بن عبد اللّٰه بن هلال بن عامر بن صعصعة، 3 بن معاوية بن بكر بن هوازن بن منصور بن عكرمة بن حفصة بن قيس عيلان بن مضر. وأمها هند بنت عوف بن زهير بن الحارث بن حماطة من حمير. 4
قبل زواجها بالنبي صلى اللّٰه عليه وسلم كانت تحت مسعود بن عمرو بن عمير الثقفي، تزوج هو بميمونة في الجاهلية، ثم فارقها، فخلف عليها أبو رهم بن عبد العزى بن أبي قيس من بني مالك بن حسل بن عامر بن لؤي، فتوفي عنها، ثم تزوجها رسول اللّٰه صلى اللّٰه عليه وسلم، زوجه إياها العباس بن عبد المطلب وكان يلي أمرها، وهي أخت أم الفضل بنت الحارث الهلالية لأبيها وأمها، وتزوجها رسول اللّٰه بسرف على عشرة أميال من مكة، وكانت آخر امرأة تزوجها رسول اللّٰه صلى اللّٰه عليه وسلم، وذلك سنة سبع في عمرة القضية. 5
إن النبي صلى اللّٰه عليه وسلم عام سابع من الهجرة تأهب أهبة السفر من المدينة المنورة مع أصحابه نحو ألفي رجل، بنية عمرة القضاء إلى مكة المكرمة، فخرج مشركو مكة في هذه المناسبة إلى أطراف مكة المجاورة؛ وفاءً بما وعدوا النبي صلى اللّٰه عليه وسلم، فاعتمر النبي صلى اللّٰه عليه وسلم وأصحابه على أحسن وجه بكل طمأنية. كما كان هناك ناس ممن أسلموا في مكة يريدون لقاء وزيارة النبي صلى اللّٰه عليه وسلم، ومنهم برة بنت الحارث، أي: أم المؤمنين ميمونة رضي اللّٰه عنها أيضا، فتزوجها النبي صلى اللّٰه عليه وسلم وهو محرم، يقول ابن عباس رضي اللّٰه عنهما: إن رسول اللّٰه صلى اللّٰه عليه وسلم تزوج ميمونة بنت الحارث في سفره ذلك وهو حرام، وكان الذي زوجه إياها العباس بن عبد المطلب. قال ابن هشام: وكانت جعلت أمرها إلى أختها أم الفضل، وكانت أم الفضل تحت العباس، فجعلت أم الفضل أمرها إلى العباس، فزوجها رسول اللّٰه صلى اللّٰه عليه وسلم بمكة. 6 وفي رواية: أنها وهبت نفسها للنبي صلى اللّٰه عليه وسلم. 7 وفيها نزلت الآية: ...وَامْرَأَةً مُؤْمِنَةً إِنْ وَهَبَتْ نَفْسَهَا لِلنَّبِيِّ إِنْ أَرَادَ النَّبِيُّ أَنْ يَسْتَنْكِحَهَا خَالِصَةً لَكَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ... 508 كما ذهب إليه أهل التفسير وأهل السير. 9 يزعمون أنها نزلت في ميمونة بنت الحارث أنها التي وهبت نفسها للنبي صلى اللّٰه عليه وسلم. 10 رغم ذلك أصدقها رسول اللّٰه صلى اللّٰه عليه وسلم أربعمائة درهم. 11
ثم مكث النبي صلى اللّٰه عليه وسلم بمكة ثلاثة أيام، فبعث إليه حويطب بن عبد العزى وقال: إن أجلك قد مضى، وانقضى الشرط، فاخرج من بلدنا. فقال له سعيد بن زيد بن عمرو بن نفيل: كذبت، البلد بلد رسول اللّٰه صلى اللّٰه عليه وسلم وآبائه. فقال رسول اللّٰه صلى اللّٰه عليه وسلم: (( مهلا يا سعيد )). فقال حويطب: أقسمت عليك لما خرجت. فخرج النبي صلى اللّٰه عليه وسلم، وخلف أبا رافع، وقال: (( الحقني بميمونة )). فحملها على قلوص، فجعل أهل مكة ينفرون بها، ويقولون: لا بارك اللّٰه لك. فوافى رسول اللّٰه صلى اللّٰه عليه وسلم بميمونة بسرف، فكان دخول رسول اللّٰه صلى اللّٰه عليه وسلم بها بسرف، وهو على أميال من مكة. 12
كانت ميمونة رضي اللّٰه عنها آخر امرأة تزوجها رسول اللّٰه صلى اللّٰه عليه وسلم، يعني ممن دخل بها. 13 فأصبحت للنبي صلى اللّٰه عليه وسلم زوجة وفية مخلصة، تحبه ويحبها حبا جما، ولها منزلة رفيعة عند النبي صلى اللّٰه عليه وسلم، ولذلك روت عنه صلى اللّٰه عليه وسلم ثلاثة عشر حديثا. 14
توفيت ميمونة رضي اللّٰه عنها بسرف في الموضع الذي ابتنى بها فيه رسول اللّٰه صلى اللّٰه عليه وسلم، وذلك سنة إحدى وخمسين. وقيل: توفيت بسرف سنة ست وستين. وقيل: توفيت سنة ثلاث وستين بسرف. وصلى عليها ابن عباس، ودخل قبرها هو، ويزيد بن الأصم، وعبد اللّٰه بن شداد بن الهادي، وهم بنو أخواتها، وعبيد اللّٰه الخولاني، وكان يتيما في حجرها. 15